باب التوبة
قال العلماء: التوبة واجبة مِنْ كل ذنب. فإن كانت المعصية بين العبد وبين اللَّه تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها
ثلاثة شروط: أحدها أن يقلع عَنْ المعصية، والثاني أن يندم عََلى فعلها، والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها
أبدا؛ فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته. وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن
يبرأ مِنْ حق صاحبها. فأن كانت مالا أو نحوه رده إليه، وإن كان حد قذف ونحوه مكنه مِنْه أو طلب
عفوه، وإن كانت غيبة استحله مِنْها. ويجب أن يتوب مِنْ جميع الذنوب، فإن تاب مِنْ بعضها صحت توبته
عند أهل الحق مِنْ ذلك الذنب وبقى عليه الباقي. وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة عََلى
وجوب التوبة.
قال اللَّه تعالى: { وتوبوا ِإَلى اللَّه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }.
وقال تعالى: { استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } .
وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا توبوا ِإَلى اللَّه توبة نصوحا } .
واللَّ ه ِإنِّي » : ١٣ - وعَنْ أبي هُرَيْرََة رضي الله عنه قال : سمِعتُ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم يَقُولُ
رواه البخاري . « لأَسْتَغْفرُ الله ، وََأتُوبُ ِإليْه ، في اليَوِْم ، َأكثر مِنْ سَبْعِين مرًَّة
يا َأيُّها النَّاس » : ١٤ - وعن الأَ َ غرِّ بْن يَسار المُزِنيِّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم
رواه مسلم . « تُوبُوا ِإلى اللَّهِ واسْتغْفرُوهُ فِإني َأتوبُ في اليَوِْم مائة مَرَّة
١٥ - وعنْ أبي حَمْزََة َأنَس بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ خَادِِم رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم : للَّهُ َأفْرحُ بتْوبةِ عَبْدِهِ مِنْ َأحَدِكُمْ سق َ ط عََلى بعِ ِ يرهِ وقد َأضلَّهُ في َأر ٍ ض
فَلاةٍ متفقٌ عليه .
للَّهُ َأشدُّ فرحًا ِبتَوْبةِ عَبْدِهِ حِين يتُوبُ ِإْليهِ مِنْ َأحَدِكُمْ كان عََلى راحَِلتِهِ ِبَأرْ ٍ ض فلاةٍ ، » : وفي رواية ُلمسْل ٍ م
فانْفلتتْ مِنْهُ وعَليْها طعامُهُ وشرَابُهُ فَأِيسَ مِنْهَا ، فَأتَى شَجَرًة فاضْ َ طجَعَ في ظِلِّهَا ، وقد َأِيسَ مِنْ رَاحِلتِهِ ،
َفبَيْنما هوَ َ ك َ ذلِكَ ِإ ْ ذ هُوَ ِبها َقائِمة عِنْدَهُ ، َفَأخذ ِبخطامِهَا ُثمَّ قَا َ ل مِنْ شِدَّةِ الفَر ِ ح : اللَّهُمَّ َأنت عبْدِي وَأنا
. « ربُّكَ، َأخْ َ طَأ مِنْ شِدَّةِ الفرح
» : ١٦ - وعن أبي مُوسى عَبْدِ اللَّهِ ب ِ ن َقيْ ٍ س الأَشْعَِريِّ ، رضِي الله عنه ، عن النَِّبيَّ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم قال
ِإن الله تعالى يبْسُ ُ ط يدهُ ِباللَّيْ ِ ل ليتُوب مُسيءُ النَّهَا ِ ر وَيبْسُ ُ ط يَدهُ بالنَّهَا ِ ر ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْ ِ ل حتَّى تَطُْلعَ
رواه مسلم . « الشَّمْسُ مِن مغِْرِبها
مَنْ تاب َقبْ َ ل َأ ْ ن تطُلعَ » : ١٧ - وعَنْ أبي هُريْرَة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم
رواه مسلم . « الشَّمْسُ مِنْ مغِْرِبهَا تَابَ الله عَليْه
١٨ - وعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمن عَبْدِ اللَّهِ بن عُمرَ بن الخطَّاب رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم
رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ . « ِإنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَاَلم يُغرْغِر » : قال
١٩ - وعَنْ زِرِّ بْ ِ ن حُبْي ٍ ش َقال : َأتيْتُ صفْوا َ ن بْ ِ ن عسَّا ٍ ل رضِي الله عنْهُ َأسَْألُهُ عن الْمَسْ ِ ح عََلى الْخُفَّيْ ِ ن فقال :
مَا جَاءَ ِبكَ يَا زِرُّ ؟ فُقلْتُ : ابْتغَاءُ الْعِلْ ِ م ، فَقال: ِإنَّ الْملائِ َ كَة تَضَعُ َأجِْنحتِها لِطَالِ ِ ب الْعِلْ ِ م ِ رضاء بمَا يَطُلبُ ،
فَقلْتُ : ِإنَّه قدْ حَكَّ في صدْ ِ ري الْمسْحُ عََلى الْخُفَّيْ ِ ن بَعْدَ الْغَائِطِ واْلبوْ ِ ل ، وكُنْتَ امْرَءًا مِنْ َأصْحاب النَِّبيِّ
صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، َفجْئت َأسَْألُكَ : هَ ْ ل سمِعْتَهُ يذْكرُ في َذلِكَ شيْئًا ؟ قال : نعَمْ كا َ ن يْأمُرنا إذا ُ كنا
سفرًا أوْ مُسافِرين َأن لا ننْزعَ خفاَفنا ثلاثة َأيَّاٍم وَليَالِيهنَّ ِإلاَّ مِنْ جنَابةٍ ، لكِنْ مِنْ غائطٍ وبْو ٍ ل ونْوٍم .
فُقلْتُ : هَل سمِعتهُ يذ ُ كر في اْلهوى شيْئًا ؟ قال : نعمْ ُ كنَّا مَع رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم في سفٍر ، فبيْنا
نحنُ عِنْدهُ ِإذ نادَاهُ َأعْرابي بصوْتٍ له جهوريٍّ : يا مُحمَّدُ ، فَأجَابهُ رسو ُ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ْ نحوا مِنْ
فُقلْتُ لهُ : وَيْحَكَ ا ْ غضُضْ مِنْ صَوْتِكَ فِإنَّك عِنْد النَّبيِّ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم وقدْ نُ ِ هيت عَنْ « هاؤُمْ » : صَوْتِه
هذا ، فقال : واللَّه لا َأغضُضُ : قَا َ ل الأَعْراِبيُّ : اْلمَرْءُ يُحِبُّ اْلَقوم وَلمَّا يْلحق ِب ِ همْ؟ قال النَِّبيُّ صَّلى اللهُ عََليْهِ
فما زَا َ ل يُحدُِّثنَا حتَّى ذكر بابًا من اْلمَغْرب مَسيرُة عرْضِه أوْ « الْمرْءُ مع منْ َأحَبَّ يَوْمَ الْقِيامةِ » : وسَلَّم
يسِير الرَّاكِبُ في عرْضِهِ َأرْبَعِينَ َأوْ سَبْعِينَ عَامًا. قَا َ ل سُفْيا ُ ن َأحدُ الرُّوَاةِ . قِبل الشَّاِم خلَقهُ اللَّهُ تعالى يوْم خلق
رواه التِّرْمذي وغيره وقال : حديث « السموات والأَرْضَ مفْتوحًا لِلتَّوبة لا يُغلقُ حتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ مِنْهُ
حسن صحيح .
٢٠ - وعنْ أبي سعِيدٍ سَعْد بْ ِ ن مالك بْ ِ ن سِنانٍ اْلخُدْ ِ ريِّ رضي الله عنه َأن نَِبيَّ الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم َقال :
كان فِيمنْ كَا َ ن َقبْل ُ كمْ رَجُ ٌ ل قتل تِسْعًة وتِسْعين نفْسًا ، فسَأل عن َأعَلم َأهْ ِ ل الأَرْ ِ ض فدُلَّ على راهِ ٍ ب ، »
َفَأتَاهُ فقال : ِإنَّهُ َقتَل تِسعًة وتسعِينَ نَفْسًا ، َفه ْ ل َلهُ مِنْ توْبَةٍ ؟ فقال : لا فقتَلهُ فكمَّ َ ل ِبهِ مِائًة ثمَّ سأ َ ل عن أعلم
أه ِ ل الأر ِ ض ، فدُلَّ على رج ٍ ل عا ٍ لم فقال: إنهَ َقتل مائَة نف ٍ س فه ْ ل َلهُ مِنْ تَوْبةٍ ؟ فقا َ ل: نَعَمْ ومنْ يحُو ُ ل بيْنَهُ
وبيْنَ التوْبة ؟ انْ َ طلِقْ ِإَلى َأرْ ِ ض كذا وكذا ، فِإنَّ ﺑﻬا أُنَاسًا يعْبُدُو َ ن الله تعالى فاعْبُدِ الله مَعْهُمْ ، ولا تَرْجعْ ِإلى
َأرْضِكَ فِإنَّهَا َأرْضُ سُوءٍ ، فان َ طَلق حتَّى ِإذا نَصَف الطَّريقُ َأتَاهُ الْموْتُ فاختَصمتْ فيهِ مَلائكَُة الرَّحْمَةِ
وملاكُة الْعَذا ِ ب . فقالتْ ملائكُة الرَّحْمََة : جاءَ تائِبًا مُ ْ قبلا ِبقلِْبهِ ِإلى اللَّهِ تعالى ، وقاَلتْ ملائ َ كةُ الْعذا ِ ب : ِإنَّهُ
ْ لم يَعْمَ ْ ل خيْرًا قطُّ ، فَأتَاهُمْ مَلكٌ في صُورَةِ آدمي فجعلوهُ بيْنهُمْ َأي حكمًا فقال قيسوا ما بَيْن الأَرْضَين
متفقٌ « فِإَلى َأيَّتهما َ كان َأدْنى فهْو َلهُ، فقاسُوا فوَجَدُوه َأدْنى ِإَلى الأَرْ ِ ض التي َأرَادَ َفقبَضْتهُ مَلائ َ كةُ الرَّحمةِ
عليه.
وفي ِ رواية في الصحيح « ف َ كان ِإَلى الْقرْيَةِ الصَّا َ لحةِ َأقْربَ ِبشِبٍْر ، فجُعِل مِنْ َأهْلِها » : وفي روايةٍ في الصحيح
فَأوْحَى اللَّهُ تعاَلى ِإَلى هَذِهِ َأن تَبَاعَدِى، وِإلى هَذِهِ َأن تَقرَِّبي وَقال : قِيسُوا مَا بيْنهمَا ، َفوَجدُوه ِإَلى هَذِهِ » :
. « فنَأى ِبصَدْ ِ رهِ نَحْوهَا » : وفي روايةٍ . « َأَقرَبَ ِبشِبٍْر َفغَُفرَ َلهُ
٢١ - وعَنْ عبْدِ اللَّهِ ب ِ ن َ كعْ ِ ب ب ِ ن مَالكٍ ، وكا َ ن قائِدَ كعْ ٍ ب رضِيَ الله عنه مِنْ بَِنيهِ حِينَ عَمِيَ، قال :
سَمِعْتُ كعْبَ بن مَالكٍ رضِي الله عنه يُحَدِّ ُ ث ِبحدِِيثِهِ حِين َ تخلَّف عَنْ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، في
غزوةِ تبُوكَ . َقال كعْبٌ : ْ لم َأتخلَّفْ عَنْ رسو ِ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، في َ غزْوَةٍ َ غزَاها ِإلاَّ في غزْوَةِ تَبُوكَ
، َ غيْر َأنِّي قدْ تخلَّفْتُ في غَزْوةِ بَدْ ٍ ر ، وَلمْ يُعَاتَبْ َأحد تَخلَّف عنْهُ ، ِإنَّما خَرَجَ رسو ُ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ
وسَلَّم واُلمسْلِمُو َ ن يُريُدو َ ن عِيرَ ُقريْش حتَّى جَمعَ الله تعاَلى بيْنهُم وبيْن عَدُوِّهِمْ عََلى غيِْر ميعادٍ . وََلَقدْ
شهدْتُ مَعَ رسو ِ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ليَْلَة العَقبَةِ حِينَ تَوَاَث ْ قنَا عََلى الإِسْلاِم ، ومَا ُأحِبُّ َأنَّ لِي ِبهَا
مَشهَدَ بَدْ ٍ ر ، وِإن َ كانتْ بدْرٌ َأذْ َ كرَ في النَّا ِ س مِنهَا وكان من خبري حِينَ تخلَّفْتُ عَنْ رسول الله صَّلى اللهُ
عََليْهِ وسَلَّم ، في َ غزْوَةِ تبُوك َأنِّي َلمْ َأ ُ كنْ قَطُّ َأْقوَى ولا َأيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخلَّفْتُ عَنْهُ في تِلْكَ اْلغَزْوَة ، واللَّهِ ما
جَمعْتُ قبْلها رَاحِلتيْ ِ ن قطُّ حتَّى جَمَعْتُهُما في تلك الْغَزوَةِ ، وَلمْ ي ُ كن رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم يُريدُ
غَزْوًة ِإلاَّ ورَّى بغَيِْرهَا حتَّى َ كانَتْ تِلكَ الْغَزْوُة ، فغَزَاها رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم في حَرٍّ شَد يدٍ ،
وَاسْتَقْبَ َ ل سَفرًا بَعِيدًا وَمََفازًا. وَاسْتَقْبَ َ ل عَددًا َ كثيرًا ، فجَلَّى للْمُسْلمِينَ َأمْرَهُمْ ليَتََأهَّبوا أُهْبََة َ غزْ ِ وهِمْ فََأخْبَرَهُمْ
« يُريدُ بذلكَ الدِّيَوان » بوَجْ ِ ه ِ همُ الَّذي يُريدُ ، وَالْمُسْلِمُون مَع رسول الله كثِيرٌ وَ َ لا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِ ٌ ظ
قال كَعْبٌ : فقلَّ رَجُ ٌ ل يُريدُ َأ ْ ن يَتَغَيَّبَ ِإلاَّ ظَنَّ َأنَّ ذلكَ سَيَخْفى ِبهِ مَاَلمْ يَنِْز ْ ل فيهِ وَحْىٌ مِن اللَّهِ ، و َ غزَا
رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم تلكَ الغزوَة حين َ طابت الثِّمَارُ والظِّلا ُ ل ، َفَأنا ِإَليْهَا َأصْعرُ ، فتجهَّز رسول
الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم وَالْمُسْلِمُون معهُ ، وطفِ ْ قت َأغدو لِكىْ َأتَجَهَّزَ معهُ فأَرْجعُ و ْ لم َأْقض شيئًا ، وَأُقو ُ ل
في نَ ْ فسى: َأنا قَادِرٌ عَلى ذلك ِإذا َأرَدْتُ، فلمْ يَز ْ ل يتمادى بي حتَّى اسْتمَرَّ بالنَّا ِ س الْجِدُّ ، فَأصْبَحَ رسول الله
صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم غَاديًا واْلمُسْلِمُو َ ن معَهُ ، وََلمْ َأقْ ِ ض مِنْ جهازي شيْئًا ، ُثمَّ َ غدَوْتُ َفرَجَعْتُ وََلم َأْقض
شَيْئًا ، َفَلمْ يزَ ْ ل يَتَمادَى ِبي حَتَّى َأسْرعُوا وتََفارَط اْلغَزْوُ ، َفهَمَمْتُ َأ ْ ن َأرْتَحِل فَأدْر َ كهُمْ ، َفيَاليْتَني فَعلْتُ ، ُثمَّ
َلمْ يَُقدَّرْ ذلك لي ، فَطفقتُ ِإَذا خَرَجْتُ في النَّا ِ س بَعْد خُرُو ِ ج رسُول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم يُحْزُنُِني َأنِّي لا
َأرَى لِي أُسْوًَة ، ِإلاَّ رَجُ ً لا مَغْمُوصًا عََليْه في النِّفا ِ ق ، َأوْ رَجُ ً لا مِمَّنْ عَ َ ذرَ اللَّهُ تعاَلى مِن الضُّعَفَاءِ ، وَلمْ
يَذ ُ كرني رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم حتَّى بََلغ تَبُوكَ ، فقا َ ل وَهُوَ جَالِسٌ في القوِْم بتَبُوك : ما َفعَ َ ل كعْبُ
بْنُ مَالكٍ ؟ فقا َ ل رَجُ ٌ ل مِن بَِني سلمِة : يا رسول الله حَبَسَهُ بُرْدَاهُ ، وَالنَّظرُ في عِ ْ طفيْه . َفقال َلهُ مُعَاُذ بْنُ
جَبَ ٍ ل رضيَ اللَّهُ عنه . ِبئس ما قُلْتَ ، وَاللَّهِ يا رسول الله مَا عَلِمْنَا عَليْهِ ِإلاَّ خَيْرًا ، َفس َ كت رسول الله صَّلى
اللهُ عََليْهِ وسَلَّم. فبَيْنَا هُوَ عَلى ذلك رََأى رَجُ ً لا مُبِْيضًا يَزُو ُ ل به السَّرَابُ ، فقا َ ل رسو ُ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ
وسَلَّم : ُ كنْ َأبَا خَيْثمََة ، َفِإذا هوَ َأبُو خَيَْثمََة الأَنْصَاريُّ وَهُوَ الَّذي تَصَدَّقَ بصاع التَّمْر حين َلمزَهُ المنافقون قَا َ ل
كَعْبٌ : َفلَّما بََلغني َأنَّ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم َقدْ توَجَّهَ َقافلا منْ تَبُوكَ حَضَرَني بَثِّي ، فطفقتُ
َأتذكَّرُ الكذِبَ وََأقُو ُ ل: ِبمَ َأخْرُجُ من سَخطه غَدًا وََأسْتَعينُ عََلى ذلكَ ِب ُ كلِّ ذِي رَْأي مِنْ َأهْلي ، َفَلمَّا قِي َ ل :
ِإنَّ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم قدْ َأظِلَّ قادمًا زاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ حَتَّى عَرَفتُ َأنِّي لم َأنج مِنْهُ ِبشَيءٍ َأبَدًا
َفَأجْمَعْتُ صِدَْقةُ ، وَأصْبَحَ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم قَادمًا ، وكان ِإذا قدمَ مِنْ سََفٍر بَدََأ باْلمَسْ جد
فرَكعَ فيه رَكْعَتَيْ ِ ن ُثمَّ جَلس للنَّاس ، فلمَّا فعل َذلك جَاءَهُ الْمُخلَُّفو َ ن يعْتذرُون ِإليْه وَيَحْلُفون َلهُ ، وكانوا
بضعًا وَثمانين رَجُلا فقبل منْهُمْ عَلانيَتهُمْ وَاسْتغَفر ُ لهمْ وَوَك َ ل سَرَائرَهُمْ ِإلى الله تعَالى . حتَّى جئْتُ ، فلمَّا
سََلمْتُ تبسَّم تبَسُّم اْلمُغْضب ثمَّ قَا َ ل : تَعَالَ، فجئتُ َأمْشي حَتى جََلسْتُ بيْن يَدَيْهِ ، فقا َ ل لِي : مَا خَلََّفكَ ؟
َأَلمْ ت ُ كنْ قد ابْتَعْتَ َ ظهْرَك، قَا َ ل ُقلْتُ : يَا رَسُو َ ل الله ِإنِّي واللَّه َلوْ جلسْتُ عنْد غيْركَ منْ َأهْ ِ ل الدُّنْيَا َلرََأيْتُ
َأني سََأخْرُج منْ سَخَطه بعُذٍْ ر ، لقدْ ُأعْطيتُ جَدَلا ، وََلكنَّي وَاللَّه لقدْ عَلمْتُ َلئن حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حديث
كَذ ٍ ب ترْضى به عنِّي َليُوش َ كنَّ اللَّهُ يُسْخطك عليَّ ، وإ ْ ن حَدَّثْتُكَ حَديث صدْ ٍ ق تجدُ علَيَّ فيه ِإنِّي لأَرْجُو فِيه
عُ ْ قبَى الله عَزَّ وَجلَّ ، واللَّه ما كان لِي من عُذٍْ ر ، واللَّهِ مَا ُ كنْتُ قَطُّ َأْقوَى وَلا َأيْسر مِنِّي حِينَ تَخلفْتُ عَنك
وسَارَ « َأمَّا ه َ ذا فَقدْ صَدَقَ ، َفُقمْ حَتَّى يَقْضيَ اللَّهُ فيكَ » : قَا َ ل : فقا َ ل رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم
رِجَا ٌ ل مِنْ بَِني سَلمة فاتَّبعُوني ، فقاُلوا لِي : واللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ َأذنْبتَ َذنْبًا قبْل ه َ ذا ، لَقدْ عَجَزتَ في أن لا
تَ ُ كون اعت َ ذرْت ِإَلى رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم بمَا اعْتَ َ ذرَ ِإَليهِ الْمُخَلَّفُون فَقدْ كَا َ ن كافِيَكَ ذنْبكَ اسْتِغفارُ
رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم َلك . قَا َ ل : فوالله ما زَاُلوا يُؤنِّبُونِني حتَّى َأرَدْت َأ ْ ن َأرْ ِ جعَ ِإلى رسول الله
صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم فَأ ْ كذِب نفسْي ، ُثمَّ قُلتُ ُ لهم : هَ ْ ل َلقِيَ هَذا معِي مِنْ َأحدٍ ؟ َقاُلوا : نَعَمْ لقِيَهُ معك
رَجُلان َقالا مِثْ َ ل مَا قُلْتَ ، وقيل َلهمَا مِثْلُ مَا قِي َ ل لكَ ، َقال ُقلْتُ : مَن هُمَا ؟ قاُلوا : مُرارُة بْنُ الرَِّبيع
الْعَمِْريُّ ، وهِلال ابْن ُأميََّة الْوَاقِفِيُّ ؟ قَا َ ل : َفذ َ كروا لِي رَجَُليْ ِ ن صَالِحَيْن قدْ شَ ِ هدا بدْرًا فِي ِ همَا ُأسْوٌَة . قَا َ ل :
َفمَضيْت حِينَ َذ َ كروهُمَا لِي .
وَ َ ﻧﻬى رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم عن َ كلامِنَا َأيُّهَا الثلاَثةُ مِن بَين من تَخَلَّف عَنهُ ، قا َ ل : فاجْتَنبَنا النَّاس
َأوْ قَا َ ل: تَغَيَّرُوا َلنَا حَتَّى تَنَكَّرت لِي في نفسي الأَرْضُ ، َفمَا هيَ بالأَرْ ِ ض التي َأعِْرفُ ، َفَلبْثنَا عََلى َذلكَ
خمْسِينَ ليَْلًة . فَأمَّا صَاحبايَ َفاستَ َ كانَا وََقعَدَا في بُيُوﺗﻬمَا يَبْكيَانِ وَأمَّا َأنَا َف ُ كنتُ َأشَبَّ الَْقوِْم وََأجَْلدَهُمْ ، َفكُنتُ
َأخْرُج فَأَشهَدُ الصَّلاة مَعَ اْلمُسْلِمِينَ، وََأ ُ طوفُ في الأَسْوَا ِ ق وَلا يُ َ كلِّمُِني َأحدٌ ، وآتِي رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ
وسَلَّم فُأسَلِّمُ عََليْهِ ، وَهُو في مجْلِسِهِ بعدَ الصَّلاةِ ، َفَأُقو ُ ل في نفسِي : هَل حَرَّكَ شفتَيهِ بردِّ السَّلاِم َأم َ لا ؟ ُثمَّ
ُأصلِّي قريبًا مِنهُ وُأسَا ِ رقُهُ النَّ َ ظرَ ، َفِإَذا َأقبَلتُ على صلاتِي نَظر ِإَليَّ ، وِإَذا الْتََفتُّ نَحْوَهُ َأعْرَضَ عَنِّي ، حَتى ِإذا
َ طال ذلكَ عََليَّ مِن جَفْوَةِ اْلمُسْلمينَ مشَيْت حَتَّى تَسوَّرْت جدارَ حَائط أبي قَتَادََة وَهُوَا ابْن عَمِّي وَأحبُّ
النَّاسَ ِإَليَّ ، فَسلَّمْتُ عََليْهِ فَواللَّهِ مَا رَدَّ عََليَّ السَّلامَ ، َفُقْلت َله : يا َأبَا قتادَة َأنْشُدكَ باللَّه هَ ْ ل تَعَْلمُني ُأحبُّ
الله وَرَسُوَله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ؟ َفسَ َ كتَ، َفعُدت َفنَاشَدتُه فَس َ كتَ ، َفعُدْت َفنَاشَدْته فَقَا َ ل : الله ورَسُولُهُ
َأعَْلمُ . َفَفاضَتْ عَيْنَايَ ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرتُ الْجدَارَ
فبَيْنَا َأنَا َأمْشي في سُو ِ ق المدينةِ ِإَذا نَبَطيُّ منْ نبطِ َأهْ ِ ل الشَّام مِمَّنْ َقدِمَ بالطَّعَاِم يبيعُهُ بالمدينةِ يَقُو ُ ل : مَنْ
يَدُلُّ عََلى كعْ ِ ب بْ ِ ن مَالكٍ ؟ فَطَفقَ النَّاسُ يشيرون له ِإَلى حَتَّى جَاءَني َفدََفعَ ِإلى كتَابًا منْ مَلِكِ َ غسَّا َ ن ،
و ُ كنْتُ َ كاتِبًا . َفَقرَأْتُهُ َفِإَذا فيهِ : َأمَّا بَعْدُ َفِإنَّهُ َقدْ بَلغَنَا َأن صاحِبَكَ قدْ جَفاكَ ، و ْ لم يجْعْلك اللَّهُ بدَا ِ ر هَوَانٍ وَلا
مَضْيعَةٍ ، َفاْلحقْ ِبنا نُوَاسِك ، َفقْلت حِين قرْأتُهَا: وَهَذِهِ َأيْضًا من الْبَلاءِ َفتَيمَّمْتُ ِبهَا التَّنُّور َفسَجرْتُهَا .
حَتَّى ِإَذا مَضَتْ َأرْبَعُون مِن الْخَمْسِينَ وَاسْتَلْبَثِ اْلوَحْىُ ِإَذا رسو ِ ل رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم يَْأتِيِني ،
فَقَا َ ل: ِإنَّ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم يََأمُرُكَ َأ ْ ن تَعْتِز َ ل امْرَأتكَ ، فُقلْتُ: ُأ َ طلُِّقهَا ، َأمْ مَاذا َأفعْ ُ ل ؟ قَا َ ل: لا
بَ ْ ل اعتِْزْلهَا فلا تقربَنَّهَا ، وََأرْس َ ل ِإلى صَاحِبيَّ ِبمِثْ ِ ل ذلِكَ . َفقُلْتُ لامْرََأتِي : اْلحقِي ِبأَهْلكِ َف ُ كوِني عِنْدَهُمْ
حَتَّى يَقْضِيَ اللُّهُ في ه َ ذا الأَمر ، َفجَاءَت امْرَأةُ هِلا ِ ل بْ ِ ن أُمَيََّة رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم فقالتْ َلهُ : يا
رسول الله ِإنَّ هِلا َ ل بْنَ ُأميََّة شَيْخٌ ضَائعٌ ليْسَ َلهُ خادِمٌ ، فه ْ ل تَكْرهُ َأ ْ ن َأخْدُمهُ ؟ قال : لا، وََلكِنْ لا يَ ْ قربَنَّك
. َفَقاَلتْ : ِإنَّهُ وَاللَّه مَا ِبهِ مِنْ حَركةٍ ِإَلى شَيءٍ ، وَوَاللَّه ما زَا َ ل يَبْكِي مُنْ ُ ذ كَا َ ن مِنْ َأمِْرهِ مَا كَا َ ن ِإَلى يَوْمِهِ
هَ َ ذا . َفَقال لِي بعْضُ َأهْلِي: َلو اسْتَأذنْت رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم في امْرََأتِك ، فَقدْ َأذن لامْرَأةِ هِلا ِ ل
بْ ِ ن أُمَيََّة َأ ْ ن تَخْدُمَهُ؟ فُقلْتُ: لا َأسْتَأْذِنُ فِيهَا رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، ومَا يُدْريني مَاذا يَقُو ُ ل رسو ُ ل
الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ِإَذا اسْتَْأَذنْتُهُ فِيهَا وََأنَا رَجُ ٌ ل شَابٌّ فَلِبثْتُ ِبذلك عشْر ليا ٍ ل ، َف َ كمُ َ ل َلنا خمْسُو َ ن َليَْلًة
مِنْ حينَ نُهي عَنْ َ كلامنا .
ُثمَّ صَلَّيْتُ صَ َ لاَة الَْفجِْر صباحَ خمْسينَ َليَْلًة عََلى ظهِْر بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا ، َفبينَا َأنَا جَالسٌ عََلى اْلحال التي ذ َ كر
اللَّهُ تعاَلى مِنَّا ، َقدْ ضَاَقتْ عََليَّ نَ ْ فسِى وَضَاَقتْ عَليَّ الأَرضُ بمَا رَحُبَتْ، سَمعْتُ صَوْتَ صَا ِ ر ٍ خ أوفي عََلى
سَلْ ٍ ع يَقُو ُ ل بَأعَْلى صَوْتِهِ : يَا َ كعْبُ بْنَ مَالِكٍ َأبْشِرْ، فخرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرَفْتُ َأنَّهُ َقدْ جَاءَ َفرَجٌ فَآَذ َ ن رسول
الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم النَّاس ِبتوْبَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ عََليْنَا حِين صَلَّى صَلاة الْفجِْر فذهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُوننا ،
فذهَبَ قِبَ َ ل صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُو َ ن ، وركض رَجُ ٌ ل ِإليَّ فرَسًا وَسَعَى سا ٍ ع مِنْ َأسَْلمَ قِبَلِي وََأوَْفى عََلى الْجَب ِ ل ،
و َ كان الصَّوْتُ َأسْرَعَ مِنَ الَْفرَ ِ س ، فلمَّا جَاءَِني الَّذي سمِعْتُ صوْتَهُ يُبَشِّرُِني نَزَعْتُ َلهُ َثوْبَيَّ َف َ كسَوْتُهُمَا ِإيَّاهُ
ببشارَته واللَّه ما َأمْلِكُ َ غيْرَهُمَا يوْمَئذٍ ، وَاسْتَعَرْتُ َثوْبَيْ ِ ن َفَلبسْتُهُمَا وانْطَلَقتُ َأتََأمَّمُ رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ
وسَلَّم يَتََلقَّاِني النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُِّئونني ِبالتَّوْبَةِ وَيَُقوُلون لِي : لِتَهِْنكَ تَوْبَةُ الله عََليْكَ، حتَّى دَخَلْتُ الْمَسْ ِ جدَ
َفِإَذا رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم جَالِسٌ حَوَْلهُ النَّاسُ ، فَقَامَ طلْحَةُ بْنُ عُبَيْد الله رضي الله عنه يُهَرْ ِ ول حَتَّى
صَاَفحَِني وهَنََّأِني ، واللَّه مَا قَامَ رَجُ ٌ ل مِنَ الْمُهاجِرِينَ َ غيْرُهُ ، َف َ كان كَعْبٌ لا يَنْساهَا لِ َ طلحَة . قَا َ ل كَعْبٌ :
َفَلمَّا سَلَّمْتُ عََلى رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، قال: وَهوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور َأبْشِرْ ِبخَيِْر يَوٍْم مَرَّ
عََليْكَ ، مُ ْ ذ وَلدَتْكَ أُمُّكَ ، فُقلْتُ : أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُول اللَّهِ َأم مِنْ عِنْد الله ؟ قَا َ ل : َ لا بَ ْ ل مِنْ عِنْد الله عَز
وجَلَّ ، وكا َ ن رسول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ِإَذا سُرَّ اسْتَنارَ وَجْهُهُ حتَّى كَأنَّ وجْهَهُ قِطْعَةُ َقمر، و ُ كنَّا نعِْرفُ
ذلِكَ مِنْهُ، فَلمَّا جَلسْتُ بَيْنَ يدَيْهِ قُلتُ: يَا رسول اللَّهِ ِإنَّ مِنْ تَوْبَتِي َأ ْ ن َأنْخَلِعَ مِن مَالي صدََقًة ِإَلى اللَّهِ وِإَلى
رَسُولِهِ .
فَقَا َ ل رَسُول الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم : َأمْسِكْ عََليْكَ بَعْضَ مَالِكَ َفهُوَ خَيْر َلكَ ، َفقُلْتُ ِإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي
الَّذي ِبخيْبَر . وَقُلْتُ : يَا رَسُو َ ل الله ِإن الله تَعَا َ لى ِإنَّما َأنْجَاِني بالصدق ، وَِإنْ مِنْ تَوْبَتي َأن لا أُحدِّ َ ث ِإلاَّ
صِدْقًا ما بَقِيتُ ، فوا لله ما علِمْتُ أحدًا مِنَ المسلمِين َأبْ ْ لاهُ اللَّهُ تَعَاَلى في صدْق اْلحَديث مُن ُ ذ َذ َ كرْتُ َذل كَ
لرِسُو ِ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم َأحْسَنَ مِمَّا َأبْ َ لاِني اللَّهُ تَعَاَلى ، وَاللَّهِ مَا تَعمّدْت كِذْبًَة مُنْ ُ ذ ُقْلت ذَلِكَ
لرَسُو ِ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ِإَلى يَوْمِي هَ َ ذا ، وَِإنِّي لأَرْجُو َأ ْ ن يَحْفظني اللَّهُ تَعَالى فِيمَا بَقِي ، قَا َ ل : َفَأنْزَ َ ل
اللَّهُ تَعَاَلى : { َلَقدْ تَابَ اللَّهُ عََلى النَِّبيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ والأَنْصَا ِ ر الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ الْعُسْرةِ } حَتَّى بََل َ غ : {
ِإنَّه ِب ِ همْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم وَعََلى الثَّ َ لاثةِ الَّذينَ خُلُِّفوا حَتَّى ِإَذا ضَاَقتْ عََل يْ ِ همُ الأَرْضُ ِبمَا
. [ ١١٩ ، رَحُبَتْ } حتى بلغ: { اتَُّقوا اللَّهَ وَ ُ كونُوا مَعَ الصَّادقين } [ التوبة : ١١٧
قا َ ل كعْبٌ : واللَّهِ مَا َأنْعَمَ اللَّهُ عََليَّ مِنْ ِنعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ ِإ ْ ذ هَداِني اللَّهُ لِلإِسْلام َأعْظمَ في نَفسِي مِنْ صِدْ قي
رَسُو َ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم َأن لاَّ َأ ُ كو َ ن َ ك َ ذبْتُهُ ، فأهلكَ َ كمَا هََلكَ الَّذِينَ َ ك َ ذبُوا ِإن الله تَعَاَلى قَا َ ل للَّذِينَ
َ ك َ ذبُوا حِينَ َأنزَ َ ل الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَا َ ل لأحدٍ ، فَقَا َ ل اللَّهُ تَعَاَلى : {سيَحلِفون ِباللَّه َل ُ كمْ ِإَذا انَْقَلبْتُم ِإليْ ِ هم
لتُعِْرضوا عَنْهُمْ فَأعِْرضوا عَنْهُمْ ِإنَّهُمْ ِ رجْس ومَأواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً ِبمَا َ كانُوا ي ْ كسبُون . يَحْلُِفو َ ن َل ُ كمْ لِتَرْضَوْا
. [ ٩٦ ، عَنْهُمْ َفِإنْ ترْضَوْا عَنْهُمْ َفِإن الله َ لا يَرْضَى عَ ِ ن اْلَقوْم الفاسقين } [ التوبة ٩٥
قال كَعْبٌ : كنَّا خُلِّ ْ فنَا َأيُّهَا الثَّ َ لاَثةُ عَنْ َأمْر ُأولَِئكَ الَّذِينَ َقِب َ ل مِنْهُمْ رَسُو ُ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم حِينَ
حََلفوا َلهُ ، فبايعَهُمْ وَاسْتَغَْفرَ َلهُمْ ، وِأرْجََأ رَسولُ اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم أمْرَنا حَتَّى َقضَى اللَّهُ تَعَاَلى فِيهِ
ِبذَلكَ ، قَا َ ل اللُّه تَعَاَلى : { وَعََلى الثَّ َ لاَثةِ الَّذِينَ خُلُِّفوا } .
وليْسَ الَّذي َذ َ كرَ مِمَّا خُلِّفنا تَخَلُّفُنا عَن الغزو ، وَِإنََّمَا هُوَ تَخَْليفهُ ِإيَّانَا وإرجاؤُهُ َأمْرَنَا عَمَّنْ حََلفَ َلهُ واعْت َ ذرَ
ِإليْهِ َفَقِب َ ل مِنْهُ . مُتَّفَقٌ عليه .
َأنَّ النَِّبيَّ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم خَرَجَ في غَزْوةِ تَبُوك يَوْمَ الخمي ِ س ، وَ َ كان يُحِبُّ َأ ْ ن يَخْرُجَ يَوْمَ » وفي رواية
. « الخميس
وَكَا َ ن َ لا يَقدُمُ مِنْ سََفٍر ِإلاَّ َ ﻧﻬارًا في الضُّحَى . َفِإَذا َقدِم بَدََأ بالمْسجدِ فصلَّى فِيهِ ر ْ كعتيْ ِ ن ُثمَّ » : وفي ِ روَايةٍ
. « جََلس فِيهِ
٢٢ - وَعَنْ أبي نُجَيْد ِبضَم النُّونِ وََفتْح الْجِي ِ م عِمْرا َ ن بْ ِ ن ا ُ لحصيْ ِ ن الخُزاعيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا َأنَّ امْرَأًة مِنْ
جُهينَة َأتَت رَسُو َ ل الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم وَهِيَ حُبَْلى مِنَ الزِّنَا ، فَقاَلتْ : يَا رسول الله َأصَبْتُ حَدًّا فَأقِمْهُ
عََليَّ ، َفدَعَا نَِبيُّ الله صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم وَليَّهَا فَقَا َ ل : َأحْسِنْ ِإليْهَا ، َفِإَذا وَضَعَتْ َفْأتِِني َفَفعَ َ ل َفَأمَرَ ِبهَا نَِبيُّ
اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم ، َفشُدَّتْ عََليْهَا ثِيَابُها ، ُثمَّ َأمَرَ ِبهَا فرُ ِ جمتْ ، ُثمَّ صلَّى عََليْهَا . فَقَا َ ل َلهُ عُمَرُ :
تُصَلِّي عََليْهَا يَا رَسُو َ ل اللَّهِ وََقدْ زَنَتْ ، قَا َ ل : َلَقدْ تَابَتْ تَوْبًة َلوْ قُسِمَتْ بَيْن سبْعِينَ مِنْ َأهْ ِ ل المدِينَةِ لوسعتهُمْ
رواه مسلم . «،؟ وَهَلْ وَجَدْتَ َأفْضَ َ ل مِنْ َأ ْ ن جَادَتْ ِبن ْ فسهَا للَّهِ عَزَّ وجَل
َلوْ َأنَّ » : ٢٣ - وَعَ ِ ن ابْ ِ ن عَبَّاس وأنس بن مالك رَضِي الله عنْهُم َأنَّ رَسُو َ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم قَا َ ل
« لابْ ِ ن آدَمَ وَادِيًا مِنْ َذهَ ِ ب َأحَبَّ َأ ْ ن يَ ُ كو َ ن َلهُ وادِيانِ ، وََلنْ يَمْلأَ فَاهُ ِإلاَّ التُّرَابُ ، وَيَتُوب اللَّهُ عََلى مَنْ تَابَ
مُتَّفَقٌ عَليْهِ .
يَضْحكُ اللَّهُ سبْحَانُه » : ٢٤ - وَعَنْ أبي هريرة رَضِي اللَّهُ عَنْهُ َأنَّ رَسُو َ ل اللَّهِ صَّلى اللهُ عََليْهِ وسَلَّم قَا َ ل
وتَعَاَلى ِإَلى رَجَُليْ ِ ن يقْتُ ُ ل أحدُهُمَا الآخَرَ يدْخُ َ لانِ ا َ لجنَّة ، يُقَاتِلُ هَ َ ذا في سبي ِ ل اللَّهِ فيُ ْ قتل ، ُثمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عََلى
مُتَّفَقٌ عََليْهِ . « الْقَاتِ ِ ل َفيسْلِمُ فيستشهدُ